نحن اليوم على أعتاب مفترق طرق تاريخي قد يتيح طيّ صفحة طويلة من الصراع والعنف، ويفتح أفقاً جديداً للمصالحة والعيش المشترك. إنها لحظة مفصلية قد تُمهّد لنهاية مأساة عقود، ليس في تركيا فحسب، بل في عموم الشرق الأوسط المُثقل بالحروب وسلامٍ قسري بلا عدالة. في هذا السياق، تبرز مساهمة عبد الله أوجالان كفرصة حقيقية لبناء سلام قائم على الحقوق والكرامة المتبادلة بين الكرد والترك وسائر شعوب المنطقة. فهل يكون أوجالان حقاً «مانديلا الشرق الأوسط» في القرن الحادي والعشرين، كما تساءل المفكر العالمي سلافوي جيجك؟
فرهاد حمي
بعد إعلان حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه في 12 أيار الماضي، استجابةً لنداء السيد عبد الله أوجالان، عادت إيمرالي إلى الواجهة مجدداً، لا كسجن معزول، بل كمركز سياسي يقود انعطافات كبرى. فمن خلف جدران العزلة التي تطوّقه منذ أكثر من ستة وعشرين عاماً، خرج أوجالان في تسجيل مرئي علني لأول مرة، في لحظة تجاوزت كل توقع، وكأنها اختراقٌ حيّ لصمتٍ مفروض دام عقوداً.
لم تكن مجرد رسالة؛ بل تجسيدٌ بصري لقائد لم ينكسر، بل بقي، رغم العزلة الطويلة، صامداً، حاضراً، وفاعلاً في صياغة اللحظات المصيرية. ملامحه التي غابت عن أنظار مناصريه لعقود أعادت إشعال الوجدان الجمعي بأكمله، وأثبتت أن الصوت الذي أرادوا دفنه لا يزال ينبض، يوجّه، ويجدد الأمل في مسيرة نضالٍ لا تنكسر.
هذا الحدث هو تماماً كما يقول المفكر الفرنسي، آلان باديو؛ بمثابة ومضة إعجازية تخترق صمت العزل، وتعيد وصل ما انقطع بين القائد وأبناء قضيته. لم تكن الكلمات وحدها هي ما أثار الدهشة، بل حضور أوجالان بذاته، في تسجيل مصوّر بعد كل هذه السنوات، بدا وكأنه يتجاوز حدود الممكن، معلناً عن ولادة سياسية جديدة.
فقد تحمل دعوته رمزية كبرى: إلقاء السلاح من قبل مجموعة من العمال الكردستاني في نواحي قضاء رابرين التابع لمحافظة السليمانية، إيذاناً بنهاية حقبة السلاح وبداية عهد جديد من النضال السياسي، المؤسس على الدستور والقانون، وذلك بحضور طيف من الأحزاب والمنظمات المدنية والمؤسسات الإعلامية المحلية والدولية.
شكّلت مراسيم إعلان نزع السلاح، التي قادتها «بسه هوازت»، وهي إحدى القيادات البارزة في منظومة المجتمع الكردستاني، لحظة فارقة واستثنائية في سجل التاريخ الكردي المعاصر. فقد جرت تلك المراسيم في قلب الجغرافيا الرمزية، غرب مدينة السليمانية بنحو خمسين كيلومتراً، وتحديداً قرب كهف جاسنه، الملجأ الذي احتمى به الشيخ محمود الحفيد البرزنجي ذات زمنٍ، في وجه أول ضربة جوية تنفذها القوات البريطانية ضد انتفاضة كردية في كردستان العراق، مستخدمةً آنذاك السلاح الجوي الحديث لأول مرة في التاريخ، بحسب ما يرويه المؤرخ إريك هوبزباوم.
حقٌ في مواجهة الإنكار
في زمن تُرفع فيه رايات السلام على ألسنة قادة كترامب ونتنياهو، وتُفرض التسويات القسرية على المنطقة، تبرز الحاجة إلى إعادة تعريف المصالحة: لا كختام للصراع، بل كبداية تُبنى على الاعتراف بالتناقضات، لا إنكارها. فكما يرى أوجالان، المصالحة الحقيقية تقوم على «الأخوة القائمة على الحقوق المتساوية»، ونزع السلاح ليس تنازلاً، بل انتقال واعٍ من الكفاح المسلح إلى النضال الديمقراطي، بشرط تفكيك بنية الدولة القومية التركية القائمة على الإنكار والإبادة.
وصف الرئيس التركي السابق، سليمان ديميرل، كفاح حزب العمال الكردستاني بـ«الانتفاضة التاسعة والعشرون» في تاريخ الجمهورية التركية، ما يعكس عمق واستمرارية النزاع الطويل والمعقد بين الدولة والجانب الكردي. ويشير أوجالان إلى أن معظم الانتفاضات السابقة، منذ ثورة بدرخان بيك، انتهت بانكسارات قاسية رافقتها موجات من الإعدامات والنفي الجماعي. في حين، شكلت هذه الصراعات عبئاً ثقيلاً على بنية الدولة التركية.
للمرة الأولى في تاريخ هذا الصراع، تصل الدولة التركية إلى منعطف حاسم تفتح فيه باب الحوار والتفاوض مع قيادة الحزب، التي طالما نادت بحماية الوجود الكردي وتعزيز الحريات الأساسية. غير أنّ أوجالان يصرّ على تحويل مفهومي الوجود والدفاع الذاتي إلى ضمانات قانونية، وعلى نقل استراتيجية التحرر الوطني إلى إطار المجتمع الديمقراطي كما ورد في رسالته الأخيرة. وفي المقابل، على تركيا أن تواكب هذه المرحلة بخطوات قانونية ملموسة، وإلا فإن البلاد مهددة بعودة دوامة العنف، خاصة في ظل وجود أطراف داخلية وخارجية تسعى إلى إبقاء القضية الكردية دون حل منذ تأسيس الجمهورية.
من منظور تحليلي، يُعد هذا التحول إشارة إلى إدراك استراتيجي عميق، إذ لم تعد الحلول العسكرية وحدها قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار، بل بات التحدي يكمن في بناء توافق دستوري وسياسي يعترف بالتعددية ويضمن الحقوق. لهذا السبب، يعتبر أوجالان طاولة الحوار خطوة حاسمة تمثل انتقالاً استراتيجياً من الاعتماد على السلاح كوسيلة للأمان، إلى السعي لتحقيق الوجود والحماية ضمن إطار دستوري. فالدستور، بخلاف القوانين الشكلية وقرارات القمع، يظل الغائب الأكبر في بنية الدولة التركية منذ تأسيسها، كما هو الحال في معظم دول الشرق الأوسط.
على الرغم من كل ما يُقال عن عبثية القانون، دولياً ومحلياً، في مشهد الشرق الأوسط، يدرك أوجالان أن التحوّل الجذري في المسألة الكردية، لم يكن هزيمة عسكرية أو نفياً جغرافياً فحسب، بل كان إخراج الكرد من دائرة «الشرعية القانونية» إبّان إصلاحات الدولة العثمانية. منذ تلك اللحظة، بدأ زمن الإنكار الممنهج والعنف المستدام، وتحول الكردي إلى «هومو ساكر» الإنسان المُستباح، وفق تعبير جورج أغامبن: كائن خارج القانون، خارج الحماية، خارج الاعتراف.
تنطلق أهمية تصور أوجالان لفكرة الحماية الحقوقية من كونه ليس مجرد إجراء شكلي أو ترفاً قانونياً، بل هو امتدادٌ لفكرة «الحق» بوصفها الضامن الوجودي لكرامة المجتمع، وإطارٌ يمكّن الحرية ولا يقتصر على إدارتها. ومن هذا المنطلق، فإن نزع السلاح الطوعي، الذي تم اليوم في مراسيم تاريخية، لا يُفهم كتراجع أو تنازل، كما يؤكد أوجالان، بل هو عبور نحو ميدان النضال القانوني والمؤسسي، ويُعد نصراً استراتيجياً في مسار النضال.
بناءً على ذلك، يدعو أوجالان، بالتنسيق مع الحركة الكردية، البرلمان التركي إلى تشكيل لجنة حقوقية متخصصة، لا تقتصر مهامها على مناقشة قضية السلاح وتبعاتها الأمنية، والإفراج عن المعتقلين، ورفع الوصاية المفروضة على البلديات التابعة لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب DEM، بل تتسع لتأسيس إطار اعتراف جماعي بالحالة الكردية باعتبارها قضية حقوقية ودستورية مؤجلة.
يمكن فهم فعل نزع السلاح ودفنه ليس كصفقة سياسية عابرة، بل كحدث جدلي يحمل في طياته صدمة مزدوجة. أولاً، صدمة داخل المجتمع الكردي الذي يُقدم على إنهاء مرحلة طويلة من الكفاح المسلح، مخاطراً بكسر رمز القوة التاريخية لمظلوميته. وثانياً، صدمة داخل البنية التركية الرسمية التي يُطلب منها للمرة الأولى الاعتراف بالآخر الكردي لا بوصفه تهديداً أمنياً، بل كجزء أصيل من الذات السياسية للدولة.
لقد شكّل الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني وسيلة لإثبات الوجود الكردي الذي كان يعيش تحت وطأة «الإنكار والصهر والإبادة»، حتى وصل إلى مرحلة أقر فيها زعيم قومي سياسي بارز مثل دولت باهجلي في البرلمان التركي بأن «الكرد والترك أخوة». لكنه لم يكن كافياً لتأمين شروط ممارسة الحرية وفق تعبير أوجالان. في المقابل، فشلت الدولة التركية، رغم كل أدواتها الأمنية، في إلغاء هذا الوجود. وهكذا يقف الطرفان أمام حقيقة لا مفرّ منها: الوصول إلى مأزق مزدوج يستحيل الاستمرار فيه بمنطق «أقتل أو تُقتل»، كما صاغها أوجالان مؤخراً.
الاعتراف بهذا التناقض التاريخي لا يعني الهزيمة، بل يمثل لحظة تحوّل عميقة؛ لحظة العبور من منطق الصراع الوجودي إلى أفق الحلول السياسية والدستورية. ومن هذه اللحظة تحديداً تبدأ إمكانية بناء المصالحة الحقيقية لا تقوم على الإقصاء أو التنازل، بل على الأخوّة المؤسسة على العدالة، والاعتراف المتبادل، والحق في المشاركة في صياغة الدولة لا البقاء على هامشها.
سلامُ تشعله المرأة
إن لحظة دفن السلاح تمثل فعلاً رمزياً عميقاً، يتجاوز الإجراء التكتيكي إلى إعلان قيمي ومفاهيمي: الاعتراف بأن النضال التحرري، خصوصاً في صيغته الكومونالية «التشاركية المجتمعية»، القائمة على الإدارة الذاتية والمجالس المجتمعية، لا يستمد مشروعيته من فوهة البندقية، كما قال ماو تسي تونغ ذات يوم، بل من القدرة على بناء سياسة تحررية تؤسس للكرامة والحق ضمن أفق دستوري وقانوني.
في العرف الكردي وملاحمه المعروفة، يشكل حضور المرأة ورمزيتها، مصدر الأساس في عملية بناء السلام ووقف الدم في السياق الاجتماعي. سطرت بسه هوزات ملامح بطولية على خطوط التماس على خط النار منذ أربعين عاماً، واليوم تقود طقوس عملية السلام أمام العالم برمته. هوزات ورفاقها في لحظة إشعال النار بالأسلحة، تكسر الصورة النمطية عن المرأة، في شرق أوسط ينأى تحت ثقافة ذكورية طاغية. ومن ناحية أخرى، تذكرنا بالتقاليد الزرداشتية في جبال زاغروس نفسها، حيث إن إشعال النار بيد المرأة وحضورها المهيب، يذكرنا بميلاد جديد وعيد نوروز. لتسكت الأسلحة، ويتصاعد صوت الحرية والسلام والإرادة الحرة.
تحمل رمزية المرأة في هذا الحدث رسالة مزدوجة، موجهة إلى الداخل الكردي من جهة، وإلى الخارج من جهة أخرى. إلى الداخل، تؤكد هذه الرمزية أن نهاية حقبة السلاح لا تعني العودة إلى أنماط التحالفات الذكورية أو إعادة إنتاج منطق الثأر والعنف، بل تعلن «أمهات السلام» عن انتهاء الحرب ونهاية الهيمنة الذكورية في فضاء القرار والمصير.
أما إلى الخارج، فتبعث هذه اللحظة برسالة سياسية وثقافية عميقة: أي تحول حقيقي لا يمكن أن يكتمل من دون كسر احتكار الذكورية والأبوية لمجال السياسة. وتؤكد المرأة، من خلال هذا الدور القيادي، أنها بلغت مرحلة من النضج السياسي تؤهلها لقيادة عملية مدنية تحررية، تُبنى على قيم الحوار والعدالة، لا على منطق القوة والسلاح. إن رمزية إشعال النار وحرق أدوات الحرب بيد النساء ليست مجرد مشهد تعبيري، بل تمثل طقساً تطهيرياً، يُعلن نهاية زمن الحرب وبداية عهد جديد من السلام المستدام.
هنا يكتسب التحوّل في فهم العنف الثوري بعداً جديداً. فرانز فانون، الذي يُستشهد به غالباً لتبرير العنف الثوري، لم يحتفِ بالعنف من أجل العنف، بل اعتبره أداة آنية لتكسير منظومة استعمارية مغلقة، محذراً في الوقت نفسه من أن العنف إذا لم يُحوَّل إلى مشروع سياسي عقلاني، فقد يؤدي إلى استنساخ القهر لا إسقاطه، وإلى موت القضية لا انتصارها. من هذه النقطة بالذات، تبرز مقولة أوجالان بأن السياسة الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي باتا بديلاً حقيقياً عن منطق التحرر الوطني التقليدي القائم على السلاح والهادف إلى تأسيس الدولة القومية. فالحق والضمانات القانونية والدستورية هي اليوم أدوات التحرر الجديدة، لا الرصاصة.
تحمل هذه الخطوة، أي حرق السلاح، بعداً براغماتياً أيضاً: فهي تضع الدولة التركية أمام اختبار تاريخي، وتطالبها بتحمل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية عبر تسريع المسار التشريعي والدستوري، وفتح باب الحل السياسي الحقيقي. في الوقت نفسه، تسحب هذه الخطوة الذريعة من يد أولئك، داخل مؤسسات الدولة نفسها، الذين يعتاشون على خطاب الإنكار وتأبيد الحرب، كما يشدد أوجلان، والذين يعارضون كل تحوّل نحو السلام خشية فقدان امتيازاتهم داخل البنية السلطوية.
وفاءً للذّاكرة
رغم أن الدولة التركية لم تُقدم حتى الآن على خطوات استراتيجية كبرى، إلا أن ثمّة مؤشرات على انفتاح حذر على جراحها التاريخية. فقد أُعيد مؤخراً التذكير بمأساة انتفاضة الشيخ سعيد بيران، لا لمحوها، بل للاعتراف بها كجزء من الذاكرة الجمعية المغيّبة. كما أعاد ناشطون إحياء ذكرى مجزرة مرعش التي وقعت في ديسمبر 1979، وراح ضحيتها أكثر من 100، معظمهم من الكرد العلويين على يد مليشيات الذئاب الرمادية والمحافظين السنّة، في واحدة من أبشع صور العنف الطائفي في الجمهورية الحديثة. أما انتفاضة ديرسم، فقد بدأت هي الأخرى تشق طريقها إلى الرأي العام مجدداً، كمطلب للعدالة والاعتراف.
من موقع الوفاء للذاكرة الجمعية هذه. شدد أوجالان على أن مصير الشيخ سعيد بيران وسيد رضا، اللذين أُعدما في بدايات عهد الجمهورية الكمالية، لا يجب أن يتكرر. لأن نجاح مسار التسوية الحالية لا يعني فقط حل أزمة سياسية، بل يشكل اعترافاً بجراح الماضي، وتكريماً لذاكرة الضحايا، وخطوة أولى نحو مصالحة تاريخية حقيقية مع الذات.
حين تصير الكلفة الأخلاقية للحرب أثقل من أي مكسب سياسي، تتغير زوايا النظر، ويتراجع منطق التصعيد لصالح التفكير بالمصير المشترك. أوجالان، الذي خاض نضالاً مسلحاً لعقود ضد الدولة التركية، وأكثر من ذاق مرارة الحرب وكلفتها، أدرك بعمق منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، أن لا مفر من الحل السياسي كبديل حتمي، يفتح الطريق أمام الحياة السياسية والقانونية لأنصاره، وينزع من يد الدولة ذريعة «مكافحة الإرهاب».
في المقابل، فإن زعيم حزب الحركة القومية، دولت باهجلي، الذي كان من أشد المطالبين بإعدام أوجلان عقب اعتقاله، وداعياً لتصفية حزب العمال الكردستاني بالعقلية الأمنية الإقصائية، وصل إلى قناعة مفصلية، مستنداً في ذلك إلى تأويل خاص لفكر المؤرخ القومي ضياء غوك آلب، مفادها أن لا مستقبل لتركيا دون الكرد، ولا استقرار للكرد خارج منظومة الدولة. وهذا، كما يشير هو نفسه، لا يتحقق إلا على أساس المساواة الكاملة في الحقوق، لا بالهيمنة ولا بالإنكار.
إن رمزية حرق السلاح كخطوة نحو تعزيز بناء الثقة وفتح الطريق أمام السياسة الديمقراطية، تمثل اليوم الخيار الوحيد القادر على إحباط كل الأفخاخ والمكائد التي زُرعت لمنع قيام تعايش قائم على الحقوق المتساوية بين الكرد والترك. فهذه الانقسامات لم تكن يوماً طبيعية، بل هي امتداد مباشر لسياسات استعمارية قديمة، من نمط «فرّق تَسُد»، أعادت إنتاجها النخب القوموية المتطرفة ضمن الدولة الحديثة، بهدف إدامة العنف وتدوير آلة الحرب.
نحن اليوم على أعتاب مفترق طرق تاريخي يحمل إمكانية حقيقية لطيّ صفحة طويلة من الصراع والعنف، وفتح أفق جديد للمصالحة والعيش المشترك. إنها لحظة قد تمهد لنهاية مأساة امتدت لعقود، ليس فقط داخل تركيا، بل في عموم الشرق الأوسط الذي أنهكته الحروب والمجازر وسلام قسري بلا عدالة. في هذا السياق، تبرز مساهمة أوجالان كفرصة ثمينة يمكن أن تترك أثراً عميقاً في مستقبل الكرد والترك وسائر شعوب المنطقة، نحو بناء سلام راسخ يقوم على الحقوق والكرامة المتبادلة.
حين تبدأ الإنسانية بلملمة جراحها، وتعلن انتصار روح السلام على دوامة العنف، كما يؤكد أوجالان، يتحول الأمل إلى نبض ينبعث من جديد، والشغف إلى قوة تبني بها حياة تفيض بالعدالة والحرية والتشارك الحقيقي. وربما نحن بالفعل على مشارف هذا التحول الكبير، مع أخذ الحيطة تجاه المفاجآت المؤلمة التي قد تعترض الطريق، لا سيما في بيئة الشرق الأوسط. والسؤال الذي يلحّ ويختبر ضمائرنا: هل سيكون أوجالان حقاً مانديلا الشرق الأوسط في القرن الحادي والعشرين، كما يتساءل المفكر العالمي سلافوي جيجك؟
فرهاد حمي: كاتب وصحفي مهتم بشؤون الشرق الأوسط وسوريا. كتب في العديد من الصحف ومراكز الدراسات.